الوالد من عمله ، وكان أولاده الثلاثة ( محمد وحسام وهيثم ) ينتظرون عودته كل يومبفارغ الصبر ، لأنه اعتاد أن يجلب لهم أشياء لذيذة !
وما إن دخل الوالدإلى المنزل حتى قفز ثلاثتهم بفرح وهم ينظرون ليدي والدهم الذي وضع ثلاث قطع منالحلوى على الطاولة.
ثم قال لهممشجعاً :
( الذي سينتهي من مذاكرة دروسه أولا ، يحصل على قطعة من هذه الحلوى. )
فقال هيثم وهو أصغرهم :
( ولكننا كلنا سنأكل الحلوى . )
ضحك والده وهو يشير إلى الحلوى :
( المجتهد منكم سيختار القطعة التييفضّلها . )
فرح الأولاد بذلك ، وبدأوا بمذاكرة دروسهم بمنتهى النشاط ، إلاأن هيثم أحس بالملل ، وظن أنه لن يقدر على منافسة أخويه ، فتسلل إلى حيث ترك والدهقطع الحلوى ، وقال لنفسه :
( إن عرف أبي أنني التهمتها فسأقول له بأنني انتهيتمن مذاكرة دروسي ، لن يخطر بباله أنني أكذب ! والآن .. أيها أختار ؟)
وقف هيثم طويلاً أمام قطع الحلوى لا يدري أيها يأخذ ، لكنه مدّ يدهأخيراً والتهم واحدة بسرعة ، فأحس برغبة شديدة في الحصول على الثانية ، وهكذا حتىأجهز على القطع الثلاثة ! ثم خرج ليلعب ، وكأنه لم يفعل شيئاً !
وعندما عادإلى البيت وجد أباه غاضباً ، بينما خيبة الأمل تبدو جلية على وجه أخويه . سأله أبوهبحدّة :
( أنت من أكل الحلوى يا هيثم ؟ )
فأجابه هيثم بدون تردد :
( أكلت قطعة واحدة بعد أن انتهيت من مذاكرة دروسي يا أبي . )
ثم التفتإلى أخويه :
( ربما فعلها محمد ، وربما حسام . )
نظر إليه والده ملياً ،ثم قال وهو يشير إلى صندوق كان يحتفظ به دائماً في إحدى زوايا الغرفة :
( أترى ذلك الصندوق يا هيثم ؟ )
نظر هيثم إلىالصندوق مستغرباً ، فأكمل والده بأسف :
( إنه مليء بالحلوى التي جلبتها لكم ! ولكني سأحرمكم منها ، أتعرفون لماذا ؟ لأن واحداً منكم رضي أن يكون لصاً ، وكاذباً ! وحتى أكتشف هذا اللص سأحرمكم جميعاً منها ! )
محمد وحسامشعرا بالظلم ، بينما لم يأبه هيثم للأمر !
الكل أوى إلى فراشه ، والعتمة تملأالبيت ، خطوات وئيدة على الأرض ، وابتسامة ماكرة تطل من بين شفتي هيثم وهو يقترب منالصندوق .
أمسك هيثم بغطاء الصندوق ، رفعه بإحدى يديه ، وانقض بالأخرى علىالحلوى داخل الصندوق .
رفع هيثم يده بسرعة وهو يصرخ فزعاً ، فانتشر النورفي كل المنزل ، واندفع الجميع نحوه بقلق عدا والده الذي كان يقف خلف الباب طوالالوقت .
نظر هيثم إلى يده ، فوجدها قد تلوّنت باللون الأسود ، ثم نظر إلىداخل الصندوق فوجد وعاءاً مملوءاً بسائل أسود !
التفت إلىوالده فلم يتمالك نفسه ، وانخرط بالبكاء ! بينما ينظر إليه والده مؤنباً ، وعيونإخوته تنظر إليه بلوم :
( أنت من سرق الحلوى ! )
شعر هيثمبالندم ، فها هو يقف أمام والده وبين إخوته كلص ! بكى بحرقة ، واعتذر لهم جميعاً ،لكنهم تركوه وحده في الغرفة ، وعاد كل منهم إلى فراشه ، بينما ظل هيثم ينظر إلى يدهالسوداء بألم ! ومنذ ذلك الحين يا صغيري وهيثم لا يسرق ! ولا يكذب !
ما رأيك ياصغيري ويا صغيرتي أن نفكر معاً بقول الله تعالى :
( والسارق والسارقة فاقطعواأيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله )
( 38 المائدة )